إلهي وسيدي**
أتيت أطباء عبادك
ليداووا لي خطيئتي
فكلهم عليك يدلني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
الحمد لله الذي لا ناقض لما بناه..ولا حافظ لما أفناه.. ولا مانع لما أعطاه..ولا راد لما قضاه.. ولا مظهر لما أخفاه..ولا ساتر لما أبداه.. ولا مضل لمن هداه ..ولا هادي لمن أعماه..
أحمده سبحانه حمدا لا ينقضي أولاه ولا ينفد أخراه..فالحمد لله ..الحمد لله ..الحمد لله..
وأشهد أن لا إله إلا الله ..وأشهد أن محمدا رسول الله..صلى الله على محمد ما تحركت الألسن والشفاه..
وعلى آله وصحبه صلاة دائمة تدوم بدوام ملك الله ..ثم سلم تسليما كثيرا.
أما بعد::
ففي جلسة مناجاة مع النفس..ومحاسبة لها على تفريطها..ساءلت نفسي وساءلتني..كيف تعرفين الله...وتقرين نعمه عليك ظاهرة وباطنة ثم تبارزينه بالمعاصي في الليل والنهار؟!!
وقلت لها: أما تخشين الخسف؟!..أما تخافين العقاب؟!..
وقلت لها:ألا تتوقين إلى الجنة بحورها وحريرها ونعيمها الذي لا ينفد؟!.. ألست تهربين من النار بزمهريرها وأغلالها وعذابها الذي لا ينتهي؟!!
ثم قلت لها:اختاري..
فقالت:أتمنى يوما أتوب فيه إلى الله..
فقلت لها:أنت في الأمنية إنما، فاعملي ..
لمااااذا نتوب؟!
من غرس في نفسه شرف الهمة فنبت نبت نفسه عن الأقذار ومن استقر ركن عزيمته وثبت وثبت نفسه عن الأكدار~
||النية في التوبة||
أولا: لكوننا نعود بالتوبة إلى الصراط المستقيم
فقد قال ربنا{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
لا ليعصوا..لا ليلعبوا..لا ليتبعوا أهواءهم ..ولا حتى ليعمروا الأرض وينجبوا الذرية ..أبدا ..
وإنما {ليعبدون}..فالعاصي ليس بعابد.. فإذا قلنا :تب .. فالمراد أن تعود إلى أصل الغاية من خلقك..وفي ذلك من المصالح ما لا يخفى!!
ثانيا: طاعة لأمر الله عزوجل
فهو الذى قال في كتابه العزيز:{وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}
طاعة لأمر الله{يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}
أمر الله..الملك..المهيمن..مالك الملك..الذي ينبغي أن نمتثل ونذعن لأمره..فنتوب تعبدا ..طاعة للملك..
ثالثا: فرارا من الظلم إلى الفلاح
قال ربنا :{ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}
اعلم _ أخي في الله _ : أن الظلم كل الظلم في انصرافك عن التوبة..
في سيرك حيث تخالف ربك..وإصرارك على المضى قدما في طريق هواك ..وهو الهلاك..فتظلم نفسك حين توقعها في شراك المعاصي ..فقد بشر ربنا التائبين بالنصرة والفلاح .. فعلق حصول الفلاح المرجو لهم على حصول التوبة منهم إليه..فقال ربنا عزوجل :
{وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}
فهذه الآية مدنية.. خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه..بعد إيمانهم وصبرهم..ثم علق الفلاح بالتوبة..وأتى بأداة "لعل" المشعرة بالترجى..
إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح..فلا يرجو الفلاح إلا التائبون..جعلنا الله منهم .
رابعا: لطلب السعادة
إن كثيرا من العصاة يعيشون سعادة وهمية زائلة مؤقتة..بل على التحقيق أنها ليست بسعادة..إذا رأيت رجلا يستلذ بالتراب عن شهي الطعام والحلوى ..فهل يكون حسه سليما؟! إطلاقا..
إن الذي يأكل التراب فيستلذ به..أو الحجارة فتكون شهوته.. فلا شك أنه سقيم..مريض يحتاج إلى علاج..وكذلك من يتلذذ بالمعاصي..إنه يشعر بذلك ..لا لأن المعاصي لذيذة ..أو أن السيئات ممتعة ..وإنما لأن قلبه صار فاسدا..فاللهم أصلح قلوبنا..
فهذا يحتاج إلى إصلاح قلبه..فمثله كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود..فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه..وهذا العاصي مثله تماما، فنقول له: اخرج من المعاصي..تب إلى الله فعندها ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل..كم من العصاة حين تاب قال:
كم كنت قذرا ..كم كنت سيئا..كم كنت خاسرا..كم كنت لاهيا..كم كنت غافلا..إنه بذلك يعلم- يقينا- أن ما كان عليه عين الباطل وأنه قد كان غافلا أو متغافلا..
إذا علم هذا..فاعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا في محبته..ولا في خوفه..ولا في رجائه..ولا في التوكل عليه..ولا في العمل ..ولا في الخضوع ولا التذلل والتعظيم والسجود والتقرب.. وأعظم من حاجة الجسد إلى روحه..والعين إلى نورها..بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به ..فإن حقيقة العبد روحه وقلبه ..ولا صلاح لها إلا بخالقها وربها الذى لا إله إلا هو..فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره..وهي كادحة إليه كدحا فملاقيته..ولابد لها من لقائه ..ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له ..ورضاه وإكرامه لها..
أخي/أختي:..
إن الجزاء من جنس العمل..والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك فإذا تبت أعقبك سعادة عظيمة..جزاء منه على توبتك..
ففي الحديث المشهور:أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:"لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة مع راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال:أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت.فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده وطعامه وشرابه، فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده"
تأمل -أخي التائب -فالله يفرح لأنك تبت..فيجازيك بأن يفرحك ويسعدك..وإذا أردت شاهد هذا فانظر إلى الفرحة التى يجدها التائب توبة نصوحا..والسرور واللذة التى تحصل له..
تفكروا أيها العقلاء..أيهما أسعد :رجل يقول:إلهي ..ربي..سيدي.فيقول الله له:لبيك عبدي..أم رجل قد تعلق قلبه بامرأة تسومه سوء العذاب ..أومال يرغم أنفه في التراب ..أو بالمنصب فذاق بسببه الوبال..من السعيد؟!..من السعيد حقا ؟!!
إن السعيد حقا .. هو الطائع لله.
خامسا: الفرار من العذاب والوحشة الحجاب :
نادانا ربنا فقال:{ففروا إلى الله }
إننا بالتوبة نفر إلى الله..نفر من الهوى ..نفر من المعاصي..نفر من الذنوب ..نفر من الشيطان..نفر من النفس.. نفر من الدنيا ..نفر من الشهوات..نفر من المال..نفر إلى الملك الذى بيده هذا كله ..فإن رأى الخير أن يعطيك كل هذا أعطاك .. وإن رأى الخير لك في أن يمنعه عنك منعك كما يمنع الطبيب المريض شرب الماء وهو عليه هين..إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا وهو يحبه كما يحمي أحدكم سقيمه الماء وهو يحبه.
وأخيرا
اعلم أن الموت يأتي فجأة
{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو العفور الرحيم.وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون.واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم
لا تشعرون .أو تقول نفس ياحسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين. أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين.أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين .بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}
واعلم-أخي التائب -أنك تطلب السعادة..وتروم النجاة..وترجو المغفرة.. يقول ربنا{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى }
فالتوبة-أخي التائب-هي ملاك أمرك،هي مبعث حياتك،هي مناط فلاحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
جزيت خيراً أيتها المتميزة لما سطرته أناملك الخيرة